تحقيقات وريبورتاجات: مــن المســـؤول عــن هــروب الاطفــال مــن بيوتهــم إلــى الشـــوارع؟
تحقيق /غازي المنشداوي
تدفع الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة إلى المعادلة القاسية أو اهمال الاطفال مما يؤدي إلى تفكك روابط الاسرة فيهرب الكثير من الاطفال إلى الشوارع حيث الاختلاط مع النماذج الفاسدة والتي تجرف هؤلاء الاطفال إلى الادمان على المخدرات والفساد الخلقي وهم في سن الزهور وتكون نهايتهم الحتمية السقوط في وحل الجريمة ويتحولون من شباب ينظر إلى كونهم رجال المستقبل إلى شباب يمثلون الانحطاط والجريمة والسجون ويخسر الوطن بالتالي ابناءه.
نتيجة لظروف يمكن السيطرة عليها من خلال منع تسرب الاطفال إلى الشارع وذلك بمعالجة المسببات ورعاية وحماية الاطفال من الضياع. وفي خضم هذه المعاناة وجدنا ان هناك بوادر خيرة وعلى قلتها الا انها تعطي الامل بفتح ابواب اوسع لرعاية الطفولة واحتضانها.
(الاتحاد) تجولت في دار الايمان وهي احدى الدور التي تأوي الاطفال المشردين وحاولت من خلال هذا التحقيق التعرف على الدوافع التي ادت بالاطفال الى الوصول لهذه الحالة اذ فوجئنا بدخول احد الاطفال وهو يحمل شهادته المدرسية وبدا سعيدا وعندما استفسر منه مدير الدار اخبره الطفل بانه نجح وبتفوق فتوجهنا بسؤالنا إلى الطفل وسالناه عن وضعه في هذه الدار فقال:عمري تسع سنوات وكنت اعيش في الشارع وتعلمت من اصدقائي شم السيكوتين والثنر وهذا جعلني اشعر وكأني في عالم اخر وبعدها انتسبت الى هذا الدار وعولجت وانا الان متواصل في اخذ علاج الادمان ثلاث مرات في اليوم الواحد وحالتي جيدة جدا وما زلت متواصلا في دراستي وبعد العودة من المدرسة نأتي إلى الدار وادخل الدروس هنا مع اصدقائي واشعر في وسط عائلتي واخوتي واصدقائي.اما الطفل (ق.ح) والذي لا يعلم سني عمره وقد قدره الباحث المختص في الدار بحدود العشر سنوات وكان قد دخل المدرسة في الصف الاول الابتدائي، وقد تم جلبه من منطقة الكاظمية إلى الدار قبل خمسة اشهر وسابقا كان في دار الرحمة وبعد سقوط بغداد خرج من الدار إلى الشارع ثم قام الباحثون باقناعه للمعيشة في هذا الدار فسالناه: هل يحب العودة إلى بيته فقال: لا لان والدي كان يسكر ويضربني بقسوة واحيانا يضربني بالعصا الكهربائية حيث كان يعمل في سلك الشرطة لذا هربت من العائلة وانا اكبر اخوتي وعن رحلته في الشارع يقول تعلمت من الشارع شم الثنر مع اصدقائي وعندما دخلت الدار تم علاجي وشفائي والان انا في المدرسة ودرجاتي جيدة واتمنى ان اصبح طيارا في المستقبل.اما الطفل (س.ع) وعمره 11 عاما في الصف الاول قال: انا لا احب المدرسة لان المعلمين معاملتهم معنا غير جيدة، ودرجاتي ضعيفة وقد هربت من اهلي إلى الشارع لانهم يضربونني وكنت اتشاجر دائما مع الاطفال في المنطقة.
وبعدها هربت من اهلي في مدينة الحسينية إلى مدينة الشعب ثم إلى الكرادة وتعرفت على الاطفال ولم اشرب أو اشم اية مادة مخدرة وبعدها تعرف علي الباحث (هـ.و) الذي اصطحبني إلى هذه الدار حيث اعيش فيه الان اما عن عائلته فيقول: لا احب العودة اليهم ولي أم وثمانية اخوة يعيشون مع اهل امي وانا ازورهم عندما اشتاق لهم وطلبوا مني العودة ولكني رفضت لانني احب ان ابقى في الدار مع اصدقائي والمشرفون يتعبون علينا ويتحملون مشاكساتنا الكثيرة.
ماذا يقول اصحاب الاختصاص؟.
في الدار حاورنا عدد من اصحاب الاختصاص للاطلاع على هذه التجربة وابعادها فكان لقاؤنا بداية مع الباحث الاجتماعي سمير عبدالستار والذي حدثنا عن نشاطات الدار قائلا:
في بداية مشروعنا كانت هناك دراسات لباحثين مختصين من خارج وداخل العراق وجدت ان 5% من الاطفال مشردون في الشوارع ويقسم هؤلاء إلى قسمين:
1.القسم الاول وهو منقطع عن عائلته تماما وهم يتخذون من الشارع بيتا لهم.
2.القسم الثاني يتصلون بعوائلهم بصورة متقطعة.
هذه النسبة من المشردين تحتاج إلى منظمات كثيرة فالدار يحوي حاليا 39 طفلا وسوف يزداد العدد في المستقبل إلى 70 هذا لا يفي بالغرض مقارنة بالنسبة لموجودة في الشارع لمدينة بغداد فقط. ويضيف قائلاُ: لقد عانينا كثيرا في اقناع الاطفال بالدخول إلى الدار وذلك لان دور الايتام في العراق رديئة جدا منذ ايام النظام السابق الى اليوم لذا كان من الصعب اقناعهم الا من خلال معايشتهم والتي قد تصل إلى شهر والحمد لله استطعنا من اقناعهم بالدخول في الدار وكان قسم منهم يعيشون في فنادق بالية.اما الباحث الاجتماعي منصور مجيد فيقول: عملت في الدار قبل ثلاثة اشهر في مسالة الدمج الاسري وهو نتاج عملنا مع الاطفال في النتيجة النهائية فدورنا ايصال الطفل إلى درجة جيدة من ترك الادمان والشارع وحل المشكلة الموجودة في بيت الطفل فهناك اطفال توجد لديهم عوائل وتشتت وكانت هناك مشاكل بسيطة استطعنا اعادة بعض الاطفال إلى عوائلهم ويوجد اطفال لا يخبروننا عن اهاليهم ولكن اتخذنا اسلوب الاستدراج وبعد ان ذهبنا إلى اهلهم واخبرناهم فزعوا وهلعوا لايجادهم ونحن نزور الاهل لمعرفة حقيقة ومسببات الهروب فمثلا مشكلة احدهم كانت هروبه للشارع بعد اخذه مبلغ 25 الف دينار من اهله وخاف ان يعود!! ونحن لا نعيد الطفل الا باقتناعه واقتناع اهله حتى لا تتكرر الحالة. كما ان هناك عوائل يزورون اطفالهم بالدار وبالعكس يذهب الطفل إلى اهله ويبقى عندهم ليوم أو يومين ويعود إلى الدار حسب رغبته وبعد ان يقتنع الطفل ويعود إلى اهله نقوم بزيارته اذا لم يزرنا لرؤية نتيجة عودته إلى اهله وعند نجاحنا في اعادة احد اطفالنا إلى اهله اشعر شخصيا بولادته من جديد وهذا فضل يعود لجميع العاملين في الدار.
اما السيد كامل عبد الستار رئيس فريق البحث فيقول: ان هذا الدار هو للاطفال الذين تتقدر اعمارهم من 6- 17 عاما وهناك مشروع اخر قيد الانشاء يستقطب الشباب من اعمار 17- 25 سنة مضيفاُ: اننا شكلنا في الدار فريق عمل يضم ثمانية باحثين اخصائيين في علم الاجتماع وعلم النفس لجلب الاطفال المشردين في الشارع واقناعهم بالدخول الى هذا المشروع وبدات العملية في صراع حقيقي في اقناع طفل يتناول الحبوب المخدرة والثنر والسيكوتين واخضاعه إلى العلاج في مستشفى ابن رشد وبعد العلاج الطبي يخرج للعلاج النفسي وجلسات ارشادية ومعنوية لبناء الشخصية وبعد ذلك اعادة الاطفال إلى مقاعد الدراسة في المدارس ويوجد في الدار مدرسين لمحو الامية والفنون التشكيلية والموسيقى والمسرح ومنشط رياضي وحاسوب كما يقوم الدار بسفرة ترفيهية اسبوعية مع سفرة علمية كل ثلاثة ايام في الاسبوع.
تحقيق /غازي المنشداوي
تدفع الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة إلى المعادلة القاسية أو اهمال الاطفال مما يؤدي إلى تفكك روابط الاسرة فيهرب الكثير من الاطفال إلى الشوارع حيث الاختلاط مع النماذج الفاسدة والتي تجرف هؤلاء الاطفال إلى الادمان على المخدرات والفساد الخلقي وهم في سن الزهور وتكون نهايتهم الحتمية السقوط في وحل الجريمة ويتحولون من شباب ينظر إلى كونهم رجال المستقبل إلى شباب يمثلون الانحطاط والجريمة والسجون ويخسر الوطن بالتالي ابناءه.
نتيجة لظروف يمكن السيطرة عليها من خلال منع تسرب الاطفال إلى الشارع وذلك بمعالجة المسببات ورعاية وحماية الاطفال من الضياع. وفي خضم هذه المعاناة وجدنا ان هناك بوادر خيرة وعلى قلتها الا انها تعطي الامل بفتح ابواب اوسع لرعاية الطفولة واحتضانها.
(الاتحاد) تجولت في دار الايمان وهي احدى الدور التي تأوي الاطفال المشردين وحاولت من خلال هذا التحقيق التعرف على الدوافع التي ادت بالاطفال الى الوصول لهذه الحالة اذ فوجئنا بدخول احد الاطفال وهو يحمل شهادته المدرسية وبدا سعيدا وعندما استفسر منه مدير الدار اخبره الطفل بانه نجح وبتفوق فتوجهنا بسؤالنا إلى الطفل وسالناه عن وضعه في هذه الدار فقال:عمري تسع سنوات وكنت اعيش في الشارع وتعلمت من اصدقائي شم السيكوتين والثنر وهذا جعلني اشعر وكأني في عالم اخر وبعدها انتسبت الى هذا الدار وعولجت وانا الان متواصل في اخذ علاج الادمان ثلاث مرات في اليوم الواحد وحالتي جيدة جدا وما زلت متواصلا في دراستي وبعد العودة من المدرسة نأتي إلى الدار وادخل الدروس هنا مع اصدقائي واشعر في وسط عائلتي واخوتي واصدقائي.اما الطفل (ق.ح) والذي لا يعلم سني عمره وقد قدره الباحث المختص في الدار بحدود العشر سنوات وكان قد دخل المدرسة في الصف الاول الابتدائي، وقد تم جلبه من منطقة الكاظمية إلى الدار قبل خمسة اشهر وسابقا كان في دار الرحمة وبعد سقوط بغداد خرج من الدار إلى الشارع ثم قام الباحثون باقناعه للمعيشة في هذا الدار فسالناه: هل يحب العودة إلى بيته فقال: لا لان والدي كان يسكر ويضربني بقسوة واحيانا يضربني بالعصا الكهربائية حيث كان يعمل في سلك الشرطة لذا هربت من العائلة وانا اكبر اخوتي وعن رحلته في الشارع يقول تعلمت من الشارع شم الثنر مع اصدقائي وعندما دخلت الدار تم علاجي وشفائي والان انا في المدرسة ودرجاتي جيدة واتمنى ان اصبح طيارا في المستقبل.اما الطفل (س.ع) وعمره 11 عاما في الصف الاول قال: انا لا احب المدرسة لان المعلمين معاملتهم معنا غير جيدة، ودرجاتي ضعيفة وقد هربت من اهلي إلى الشارع لانهم يضربونني وكنت اتشاجر دائما مع الاطفال في المنطقة.
وبعدها هربت من اهلي في مدينة الحسينية إلى مدينة الشعب ثم إلى الكرادة وتعرفت على الاطفال ولم اشرب أو اشم اية مادة مخدرة وبعدها تعرف علي الباحث (هـ.و) الذي اصطحبني إلى هذه الدار حيث اعيش فيه الان اما عن عائلته فيقول: لا احب العودة اليهم ولي أم وثمانية اخوة يعيشون مع اهل امي وانا ازورهم عندما اشتاق لهم وطلبوا مني العودة ولكني رفضت لانني احب ان ابقى في الدار مع اصدقائي والمشرفون يتعبون علينا ويتحملون مشاكساتنا الكثيرة.
ماذا يقول اصحاب الاختصاص؟.
في الدار حاورنا عدد من اصحاب الاختصاص للاطلاع على هذه التجربة وابعادها فكان لقاؤنا بداية مع الباحث الاجتماعي سمير عبدالستار والذي حدثنا عن نشاطات الدار قائلا:
في بداية مشروعنا كانت هناك دراسات لباحثين مختصين من خارج وداخل العراق وجدت ان 5% من الاطفال مشردون في الشوارع ويقسم هؤلاء إلى قسمين:
1.القسم الاول وهو منقطع عن عائلته تماما وهم يتخذون من الشارع بيتا لهم.
2.القسم الثاني يتصلون بعوائلهم بصورة متقطعة.
هذه النسبة من المشردين تحتاج إلى منظمات كثيرة فالدار يحوي حاليا 39 طفلا وسوف يزداد العدد في المستقبل إلى 70 هذا لا يفي بالغرض مقارنة بالنسبة لموجودة في الشارع لمدينة بغداد فقط. ويضيف قائلاُ: لقد عانينا كثيرا في اقناع الاطفال بالدخول إلى الدار وذلك لان دور الايتام في العراق رديئة جدا منذ ايام النظام السابق الى اليوم لذا كان من الصعب اقناعهم الا من خلال معايشتهم والتي قد تصل إلى شهر والحمد لله استطعنا من اقناعهم بالدخول في الدار وكان قسم منهم يعيشون في فنادق بالية.اما الباحث الاجتماعي منصور مجيد فيقول: عملت في الدار قبل ثلاثة اشهر في مسالة الدمج الاسري وهو نتاج عملنا مع الاطفال في النتيجة النهائية فدورنا ايصال الطفل إلى درجة جيدة من ترك الادمان والشارع وحل المشكلة الموجودة في بيت الطفل فهناك اطفال توجد لديهم عوائل وتشتت وكانت هناك مشاكل بسيطة استطعنا اعادة بعض الاطفال إلى عوائلهم ويوجد اطفال لا يخبروننا عن اهاليهم ولكن اتخذنا اسلوب الاستدراج وبعد ان ذهبنا إلى اهلهم واخبرناهم فزعوا وهلعوا لايجادهم ونحن نزور الاهل لمعرفة حقيقة ومسببات الهروب فمثلا مشكلة احدهم كانت هروبه للشارع بعد اخذه مبلغ 25 الف دينار من اهله وخاف ان يعود!! ونحن لا نعيد الطفل الا باقتناعه واقتناع اهله حتى لا تتكرر الحالة. كما ان هناك عوائل يزورون اطفالهم بالدار وبالعكس يذهب الطفل إلى اهله ويبقى عندهم ليوم أو يومين ويعود إلى الدار حسب رغبته وبعد ان يقتنع الطفل ويعود إلى اهله نقوم بزيارته اذا لم يزرنا لرؤية نتيجة عودته إلى اهله وعند نجاحنا في اعادة احد اطفالنا إلى اهله اشعر شخصيا بولادته من جديد وهذا فضل يعود لجميع العاملين في الدار.
اما السيد كامل عبد الستار رئيس فريق البحث فيقول: ان هذا الدار هو للاطفال الذين تتقدر اعمارهم من 6- 17 عاما وهناك مشروع اخر قيد الانشاء يستقطب الشباب من اعمار 17- 25 سنة مضيفاُ: اننا شكلنا في الدار فريق عمل يضم ثمانية باحثين اخصائيين في علم الاجتماع وعلم النفس لجلب الاطفال المشردين في الشارع واقناعهم بالدخول الى هذا المشروع وبدات العملية في صراع حقيقي في اقناع طفل يتناول الحبوب المخدرة والثنر والسيكوتين واخضاعه إلى العلاج في مستشفى ابن رشد وبعد العلاج الطبي يخرج للعلاج النفسي وجلسات ارشادية ومعنوية لبناء الشخصية وبعد ذلك اعادة الاطفال إلى مقاعد الدراسة في المدارس ويوجد في الدار مدرسين لمحو الامية والفنون التشكيلية والموسيقى والمسرح ومنشط رياضي وحاسوب كما يقوم الدار بسفرة ترفيهية اسبوعية مع سفرة علمية كل ثلاثة ايام في الاسبوع.