لم يتوقع جيران علي (15 عاماً) أن هذا الطفل الذي عانى الجوع واليتم معاً ستنتهي به الحال أشلاء متفرقة بعدما نفذ عملية انتحارية استهدفت تجمعاً للأهالي في سوق الكرادة العام الماضي. علي الذي عاش يتيماً بعد وفاة والدته قبل سبعة أعوام انتظم في تجمع صغير لأطفال الشوارع بسبب مشكلات كان يعانيها مع زوجة أبيه، وتعلم منهم كيف يكسب رزقه في طرق مختلفة من بينها السرقة والاحتيال والتنقل بين عمل وآخر، مثلما تعلم كيف ينام خارج المنزل.
وبعد عامين من عمله مع أطفال الشوارع، شوهد علي وهو يتسول عند أحد تقاطعات الطرق. يقول سامي السيلاوي صاحب سوق «جنة اليوم» في الكرادة إنه كان واقفاً للاشراف على تعديلات يقوم بها عمال البناء في محله عندما شاهد علي للمرة الأخيرة وهو يمر من أمام السوق وبدت عليه علامات الارتباك والخوف، حتى أنه لم يجادل أحد الصبية الذين حاولوا التحرش به بالكلمات.
ويضيف أن «الصبي تحول إلى أشلاء بعد أمتار قليلة من دكانه». ويؤكد اللواء عبدالعزيز محمد جاسم مدير العمليات العسكرية في وزارة الدفاع أن غالبية الاطفال المشردين تتعرض إلى الاستغلال على أيدي الجماعات المسلحة والميليشيات، وخصوصاً أنها تستخدمهم في تنفيذ أعمال العنف بعد جمعهم في المساجد لحضور محاضرات دينية إلزامية. ويقول إن عدد الأطفال الذين نفذوا عمليات انتحارية خلال السنتين الماضيتين وصل إلى 24 طفلاً بينهم خمسة متخلفين عقلياً وسبعة أطفال أظهرت أشلاؤهم أنهم مشردون.
ووفقاً للاحصاءات الرسمية للجنة المرأة والأسرة والطفل في البرلمان العراقي، فإن نسبة ضحايا التفجيرات والعنف في العراق من الأطفال بلغت 20 في المئة، فيما بلغت نسبة المتضررين بسبب التهجير 35 في المئة. ويؤكد التقرير الذي أعدته منظمة «انقذوا اطفال العراق» أن واحداً بين كل ثمانية أطفال في العراق يتعرض للتشرد.
وتشير منظمة «أصوات الطفولة»، وهي من المنظمات التي تهتم بشؤون الأطفال في العراق الى أن هناك أعداداً كبيرة من الأطفال والصبية المشردين في الشوارع، يمتهن بعضهم جمع العلب المعدنية وقناني المشروبات الغازية الفارغة من مكبات النفايات. ويمتهن آخرون التسول عند تقاطعات الطرق والأماكن العامة ومنهم من يمارس أعمال نهب وسلب ويتعرضون لآفات اجتماعية خطيرة مثل التدخين وتعاطي المخدرات، في حين ينام كثير منهم في الحدائق العامة والخرائب.ويرى الباحث الاجتماعي في جامعة بغداد الدكتور كريم حمزة أن ظاهرة أطفال الشوارع باتت واضحة للعيان في العراق، إذ يعيشون في تجمعات صغيرة وينتشرون في الشوارع سعياً وراء أرزاقهم نهاراً ويلجأون الى حديقة الامة وشارع ابي نواس ليلاً. ويقول إن بعضهم ضحية فقدان الأب أو المعيل في أعمال العنف والتهجير وبعضهم الآخر دفعته الى الشارع أسرة متفككة وظروف اقتصادية صعبة لم تسهم الحكومات العراقية في الحد منها
بغداد: «الشرق الأوسط»
احتشد قرابة 100 طفل عراقي امس معظمهم من الايتام للمشاركة في مهرجان الطائرات الورقية في حدائق الزوراء ببغداد القريبة من منطقة كان الرئيس السابق صدام حسين يستعرض فيها جيوشه.
وقامت جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين ودور الايتام في العراق بتنظيم مهرجان الطائرات الورقية بمساعدة من شبكة خطوط الكابل اليابانية في وسط بغداد.
وقالت بشرى خليل القيسي المدير العام لدائرة المتنزهات والحاضنات في بغداد انه تقرر استخدام المنطقة التي كانت تستخدم لاستعراضات النظام السابق العسكرية كرمز لانتصار الطفولة على الحرب والبراءة على الاضطهاد. واضافت القيسي قائلة «لقد عانى أطفالنا كثيرا في الاشهر الستة الاخيرة».
ويهدف هذا المهرجان الى اعطاء فرصة للعالم ليرى ان الاطفال لا يزالون يستطيعون اللهو وان يكونوا سعداء تحت هذه الظروف الصعبة.
وقال الفنان العراقي رشاد سليم ان الطائرات الورقية تساعد في تضميد جروح الاطفال العاطفية. واضاف انه عمل جسدي يؤدي الى رفع الرأس وهو ما نحتاج اليه، مشيرا الى انها أداة يمكن للفرد ان يسيطر عليها في زمن لا وجود فيه للسيطرة.
الشرق الاوسط لاربعـاء 17 رمضـان 1424 هـ 12 نوفمبر 2003 العدد 9115
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق