ملجأ الحنان AL-Hanan orphanage

.

الجمعة، 31 ديسمبر 2010

التنصير في العراق .. الحقائق الغائبة

ولعل أشهر قضية تذكر في هذا الجانب، وهي التي شكلت فضيحة أخلاقية بكل المعايير هزت ضمير الإنسانية، هي قضية (ملجأ الحنان لرعاية الأيتام) في بغداد.

د.مجيد الخليفة

لقد أصبح العراق ساحة مفتوحة بعد احتلال القوات الأمريكية له، وقد وفَّر ذلك للمنظمات التنصيرية مجالات واسعة للحركة في مختلف مناطق البلاد، وإن كان التركيز – كما صرح المنصرون أنفسهم – على شمال العراق وجنوبه، ويمكن إجمال أهم الوسائل المتبعة في العراق، وَفْقاً للتقارير الصادرة عن المنظمات التنصيرية:

(1)
الإغاثة الطبية والخدمية: وتُعَدُّ هذه الوسيلة من أقدم الوسائل التنصيرية التي استعان بها المنصرون منذ بداية نشاطهم في العالم الثالث، وقد عانى العراق من تردِّي الخدمات الطبية كنتيجة طبيعية للحصار الذي امتد أكثر من ثلاثة عشر عاماً، ثم ما تعرضت له المؤسسات الطبية من عمليات نهب وإهمال بعد سيطرة القوات الأمريكية على البلاد، ويأتي هنا اسم (خدمة الكنيسة العالمية) المعروفة اختصراً (سي – دبليو – أس) التي تتكون من 36 مجموعة إنجيلية، والتي قامت بإرسال معونات طبية إلى العراق بقيمة 1.2 مليون دولار، وقد قُدِّمَت على شكل مساعدات طبية لمستشفيات في: الموصل وبغداد والبصرة، كما أرسلت هذه المنظمة هدايا عينية إلى طلاب المدارس، وزودت بعض اللاجئين بالأطعمة، وغالباً ما كانت هذه المعونات تتضمن شعارات (إنجيلية)، وربما بعض القصص والكتيبات المرفقة لأطفال المدارس.

(2)
الكنائس العراقية: شكلت الكنائس العراقية بؤر انطلاق للعديد من المنظمات التنصيرية؛ فقد كانت هذه الكنائس تزود المنصرين بقوائم الأُسَر المسلمة الفقيرة، ثم يقوم المنصرون بتوزيع المعونات الغذائية والعينية عليهم، وقد شاهدنا بأم أعيننا بعض العوائل الفقيرة المسلمة تقف على أبواب الكنائس في منطقة (كامب سارة) ببغداد طمعاً في الحصول على معونات غذائية، خاصة مع شح أو انعدام المعونات والمساعدات المقدَّمة من قِبَل الدول الإسلامية، بسبب سياسة تجفيف المنابع التي انتهجتها السياسة الأمريكية بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م، وكان هذا سبباً في موجة الاستهداف الذي تعرضت له كنائس نصارى العراق – وإن كنا لا نجيز ذلك – في أغسطس من عام 2005م، ولذلك تراجعت معظم هذه الكنائس عن سياسة دعم المؤسسات التنصيرية علناً؛ فقد صرح (يونادم كنة) ممثل الكلدان الآشوريين في حكومة بريمر لهيئة الإذاعة البريطانية قائلاً: (إن الفِرَق التبشيرية الغربية – وبالأخص الأمريكية – جاءت بعـد الاحتـلال، وأسهمت أنشـطتها في تعكير الأجواء بسبب قيامها بالتبشير بين غير المسيحيين). وقال: (إن الغضب من هذه الأنشطة قد يكون سبباً في التفجيرات التي تعرضت لها الكنائس في عدد من مدن العراق، كما أن هذه الفِرَق كانت محل رفض من الكنائس العراقية نفسها).

(3)
وسائل الإعلام: شكلت هذه الوسيلة الحديثة جانباً مهماً من جوانب التنصير؛ إذ جرى استغلال وسائل الإعلام - خاصة التلفزيون والراديو – في عرض البرامج التنصيرية، وإن كانت بصورة غير مباشرة، وليس أدلَّ على ذلك من تخصيص قناة فضائية أمريكية باسم (الحرة – العراق)، يجري من خلالها عرض عدداً من المواد الإعلامية التي تحث على اتباع أسلوب الحياة الأمريكية، على اعتبار أنها تمثل قمة الحضارة والانفتاح، كما خصص راديو (سوا) الذي يُدعَم بصورة مباشرة من الإدارة الأمريكية موادَّ مختلفة عن الحياة الاجتماعية والسياسية لنصارى العراق، وهناك قناة محلية عراقية تبث من بغداد باسم (صوت المحبة) تحث على التنصير بصورة واضحة وصريحة، والأخطر من هذا كله أن الإدارة الأمريكية دعمت بصورة مباشرة افتتاح قناة خاصة بالنصارى العراقيين على القمر (عربسات) باسم قنـاة (آشور)، وهي قناة تنصيرية من الدرجة الأولى، وإن كانت معظم برامجها تُبَث باللغة السريانية، ومديرها هو يعقوب يعقوب، واعتمد في إدارة هذه القناة على تمويل مباشر من المنظمات التنصيرية الأمريكية خاصة، ولم تعتمد هذه المنظمات التنصيرية على هذه الوسائل فقط، بل بدأت تقوم بنفسها بتوزيع الأشرطة المرئية على الأُسَر المسلمة مرفقة بالمعونات الغذائية المقدمة لهذه الأسر. وتتألف تلك المواد من أفلام فيديو على رأسها فلم (يسوع) الذي انتجته السينما الأمريكية ليتحدث عن القصص المحرفة لنبي الله عيسى، عليه السلام، وجرى (دبلجته) إلى أكثر من 70 لغة وأكثر من 200 لهجة محلية، وقد وُزِّع هذا الفلم في مناطق متفرقة من العراق، وباللهجة العراقة المحلية.

(4)
المطبوعات: بلغ عدد نسخ الإنجيل التي دخلت إلى العراق حتى عام 2007م أكثر من مائة ألف نسخة، وقد وُزِّعَت جميعها مرفقة بأشكال من المعونات والمساعدات. يقول (جوان وايت) وهو منصِّر يعمل لحاسب (الهيئة المعمدانية الجنوبية في تصريح خاص للتلفزيون الألماني: (نحن نتنكر كسائحين، ثم نقول بالاختلاط بالعراقيين وتوزيع عدد من الأناجيل المزخرفة الخاصة بالأطفال، وهي عبارة عن قصص مصورة، وقد وزعنا ما يقارب 10 آلألف نسخة).

(5)
إقليم كردستان: إن من أخطر الوسائل المستخدمة في التنصير في العراق، استغلال هذه المنظمات لوضع كردستان الشاذ ضمن الدولة العراقية، خاصة الحماية التي توفرها حكومة هذا الإقليم للمنظمات التنصيرية العاملة فوق أراضيها، يصف (كروس ووك) الذي أشرنا له سابقاً في مقابلة صحفية للتسهيلات المقدمة من قِبَل حكومة هذا الإقليم للمنظمات التنصيرية بقوله: (في المنطقة الكردية تجد أشياء رائعة حقاً؛ فقد التقينا برئيس وزراء الأكراد، وأخبرنا أنه سيُسَر جداً بأي وجود مسيحي في المنطقة، وهناك إذن مطلق بإقامة الكنائس هناك)، ثم يقول أيضاً: (في الفترة التي قضيناها بالعراق أقمنا دورة تدريبية نهارية في أربيل لـ (140) مؤمناً واستمرت خمسة أيام، شجعناهم وعلمناهم المبادئ الأساسية في التعامل مع المسلمين، وأوضحنا لهم التحديات التي يواجهونها، وأجبنا على أسئلتهم، كما قمنا بتوزيع الكتب والإرشادات عليهم). ولم تكن هذه المنظمات جديدة العهد بالعراق، وإنما هي تعمل هناك منذ عام 1991م، نظراً لتحكم الأكراد بمقدرات كردستان منذ ذلك التاريخ؛ فهذه منظمة (كاريتاس) الكاثوليكية العالمية يقول مسؤول مكتبها بالقاهرة: (إن كاريتاس تعمل في العراق منذ أكثر من عشرين عاماً، لكنها ضاعفت من نشاطها بعد حرب الخليج الثانية؛ خاصة في منطقة شمال العراق التي تُعدُّ أرضاً خصبة لأنشطة المنظمات الكنسية بمختلف طوائفها)، ونظراً للنشاطات الصريحة التي لا يرافقها أي تحفظ في المناطق الكردية، فقد قدم الاتحاد الإسلامي الكردستاني استنكاراً إلى مسعود البرزاني رئيس الإقليم نظراً لما يجري من نشاطات تنصيرية تمسُّ العقيدة الإسلامية.

(6)
رعاية الأيتام: لقد أفرز الاحتلال الأمريكي للعراق، وما أعقبه من قتل وتدمير وتهجير، أفرز ظاهرة خطيرة انتشرت في المجتمع العراقي؛ ذلك أن عدداً كبيراً من الأطفال – ويقدر عددهم بأكثر من خمسة ملايين – فقدوا أحد الوالدين أو كلاهما خلال هذه الأحداث، وقد كشفت تقارير غربية إعلامية عن وجود عصابات منظمة تقوم بخطف هؤلاء الأطفال أو اقتيادهم بعد استشهاد ذويهم إلى القوات الأمريكية، التي تسلمهم بدورها إلى المنظمات التنصيرية، وفي واقع الحال لا نعرف عدد هؤلاء الأطفال على وجه التحديد لعدم وجود أي جهة تهتم بإحصاء هذه الجوانب، ولكن هناك العديد من الأطفال الذين جرى خطفهم من مناطق في بغداد وديالى والفلوجة، واقتيدوا إلى جهة مجهولة، ولعل أشهر قضية تذكر في هذا الجانب، وهي التي شكلت فضيحة أخلاقية بكل المعايير هزت ضمير الإنسانية، هي قضية (ملجأ الحنان لرعاية الأيتام) في بغداد، بعد أن وجد أطفال الملجأ بالرمق الأخير، وقد رُبِطُوا بالحديد بأسرَّتهم، وقد أعلنت شبكة (CBS) الإخبارية الأمريكية في حينها من خلال مراسلها في بغداد، عزم ضابط أمريكي من ولاية (وسكنسن) السعي للحصول على الموافقات اللازمة لنقل أطفال دار الحنان إلى الولايات المتحدة لتلقي الرعاية المطلوبة لهم، ولن يكون ذهاب هؤلاء الأطفال إلى أمريكا إلا من أجل التنصير.

وتؤكد الإحصائيات على أن نحو 100 منظمة تنصيرية قد تدفقت إلى أرض العراق خلال عام 2003م، ولا يقتصر النشاط التنصيري على الإنجيليين، بل إن الأرثوذكس يتمـركزون فـي الموصـل وما حولها من شمال العراق؛ وذلك بمساعدة (هيئة الأساقفة الأمريكيين الأرثوذكسيين) و (مجلس الشرق الأوسط الكنائس)، مع وزارة الخارجية اليونانية، وتقوم الكنائس العراقية بتزويد المنظمات التنصيرية بقوائم الأسر الفقيرة، فينطلق المنصِّرون إليها حاملين الطعام والدواء والمواد التموينية، فيتلقفها الأهالي البؤساء مضطرين، وفي تلك الأثناء يعرض عليهم الدين النصراني، ومن هذه الهيئات:

1 - هيئــة الإرســــاليات الدولية الــــذراع التبشـــــيرية للمعمدانيين الجنوبيين، الذين يُعدون أكبر طائفة بروتستانتية فـي أمريكا.
2 - مجلس الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
3 - مجموعة من المعمدانيين الجنوبيين من ولاية نورث كارولينا.
4 - هيئة المعونة الأمريكية.
5 - منظمة (كريستيان شاريتي ورلد نيشن إنترناشونال).
6 - منظمة المجتمع الدولي للإنجيل.
7 - منظمة تعليم أمة كاملة، وتعرف اختصاراً بـ (داون).
8 - منظمة سامرتيان بيرس.
9 - منظمة المنصّرين البروتستانت.
10 - مؤسسة صوت الشهداء.
11 - القــــــــسّ البروتستانتي (جون حنا) من ولاية أوهايو.
12 - المنصّرة (جاكي كون).
13 - مركز غلوبل ميســـشن يونيت (global mission unit) التنصيري العالمي.
وكل تلك المؤسسات التنصيرية في العراق تخضع إلى هيئة تنسيقية عليا باسم: (مكتب تنسيق إغاثة العراق: (IRCO).
وتدخل هذه المنظمات إلى العراق تحت اسم (منظمات إغاثة إنسانية)؛ فالمسؤولون الأمريكيون يعترفون بوجود المنصِّرين ويؤكدون أنهم يقدمون العون للناس لا التنصير، والعراقيون يفرحون بتلك المعونات، وقد ذكر مسؤول حكومي لمجلة (تايم) أنه بالنظر إلى العلاقات الودية بين الرئيس بوش واليمين المسيحي الصهيوني ومساندة المنظمات الخيرية الدينية، فإنه يكاد يكون من المستحيل أن يمنع البيت الأبيض منظمات الإغاثة الإنسانية من الذهاب إلى العراق.
أما الأخطر في عمليات التنصير في العراق فهو ما تشهده المناطق الشمالية بإقليم كردستان؛ حيث أصدر مركز غلوبل ميشن ( Global Mission Unit ) التنصيري العالمي تقريراً يتضمن أسماء الهيئات والمنظمات التنصيرية التي تعمل في شمال العراق، وفي مقدمتها:

1-
جمعية الكتاب المقدس: ولها مكتب في مدينة أربيل، وتطبع كل نشراتها بمطبعة الثقافة التابعة لوزارة الثقافة العراقية في أربيل.

2-
منظمة تطوير خدمات الشرق الأوسط البريطانية: ومركزها الرئيس في القاهرة، ولها ثلاثة مكاتب في العراق؛ في أربيل ودهوك والسليمانية، وتقوم على أنشطتها مجموعة كاملة موفدة من المكتب الرئيس للمنظمة في مصر، تحت رئاسة (د. ألكسندر رسل) بريطاني الأصل، وهو يعمل أستاذاً للغة الإنجليزية بكلية الآداب في جامعة صلاح الدين في أربيل.

3-
منظمة ينبوع الحياة الأمريكية: ومركزها في مدينة شقلاوة القريبة من أربيل، بدعم مباشر من مكتب مساعدة الكوارث الخارجية التابع لوزارة الخارجية الأمريكية، تحت ستار حفر الآبار وتوفير مياه الشرب النقية.

4-
منظمة القوافل الطبية الدولية: ومركزها الرئيس مدينة «بورتلاند» الأمريكية، وقد ذهبت إلى العراق برفقة الجيش الأمريكي في حرب الخليج الثانية، وتعمل بدعم مباشر من مكتب مساعدة الكوارث الخارجية، وتحت إشراف مكتب التنسيق العسكري، ولها أربعة مكاتب في السليمانية، وأربيل وزاخو ودهوك.

5-
منظمة المصادر البريطانية: وتعمل في مجال تدريس الكمبيوتر واللغة الإنجليزية، ولها مكاتب فرعية عدة، ومكتب رئيس في مدينة شقلاوة وضواحيها.

6-
منظمة كاريتاس: وقد أعلنت «نشرة النيابة الرسولية الكاثوليكية التي تصدر في القاهرة، في عددها رقم (46)، أن منظمة (كاريتاس) الكاثوليكية العالمية، بالتعاون مع مكاتبها داخل العراق (لم تحدد مواقعها) وبتنسيق مع فروعها في تركيا وسوريا ولبنان والقدس، قد أعدت كمية ضخمة من المساعدات الإنسانية تسد احتياجات ما يقرب من نصف مليون عراقي.

7-
منظمة أكورن ACORN : المدعومة من الفاتيكان، وتقوم بإدخال عشرات من الأكراد المسلمين إلى دورات تنصيرية في كنائس خاصة بعد إغرائهم برواتب كبيرة تبلغ 600 دولار شهرياً، ويجري اختيار المتميزين منهم وإرسالهم إلى الفاتيكان، ليعودوا بعد فترة كـ (مبشِّرين) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...