ملجأ الحنان AL-Hanan orphanage

.

الثلاثاء، 7 أبريل 2009

نزلاء دار الحنان لشديدي العوق... جاؤوا إلى الحياة معاقين وغادروها بالكوليرا

November 26
قضيتهم سجلت ضد مجهول!
بغداد ـ احمد حسين
لأسباب وراثية واخرى طبية ثمة اطفال يولدون ليحملوا جريرة ذنب لم يقترفوه، ذنب تخلف الثقافة الصحية وتقاليد الزواج الذي لا تراعى فيه الشروط والنصائح الطبية ليثمر اطفالاً معاقين جسديا وذهنيا او مشلولين ليكملوا دورة الجهل والامراض
ولنا في دار الحنان أمثلة حية بعضها يمشي على قدمين تتخبطان بعشوائية عدم الادراك العقلي، والبعض الآخر حرمه الشلل النصفي والكلي من متعة هذا التخبط.نزلاء هذه الدار لا يغادرونها الا الى مثواهم الاخير، تأشيرة دخولهم هي العوق الشديد العقلي او الجسدي الذي لا امل في شفائه، عوقهم لا يسمح لهم بممارسة حياتهم بصورة طبيعية في ابسط تفاصيلها، يعزلهم عمن يعيشون بينهم وينفّر الآخرين منهم، ويفرض على ذويهم احتياجات خاصة ومعاملة مدركة لوضعهم الصحي.. لا وعي لديهم يتحكم بانفعالاتهم وتصرفاتهم، وبعضهم لا يستطيعون السيطرة على عمليات الجسم الطبيعية، كما انهم يفتقرون للمناعة ضد الامراض ويعانون من ضعف بنيتهم الجسدية.
هم بحاجة الى مأوى يتناسب مع حالتهم ومتخصصين يتعاملون معهم بحذر واهتمام بالغين، لكن يبدو ان معاناتهم والحذر والاهتمام لم تمنع عنهم وباء الكوليرا الذي تسرب اليهم عبر الماء الخالي من الكلور واحدى المربيات الحاضنة للفايروس منذ اكثر من عامين من دون ان يعلم بها احد.
ورغم التحرك السريع من قبل دائرة ذوي الاحتياجات الخاصة في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ووزارة الصحة لتدارك الوضع واحتواء الوباء قبل تفشيه بين المستفيدين من الدار والموظفين فيها، إلا ان هذه الاجراءات لم تمنع الموت من اختطاف اثنين من نزلاء الدار وبث الرعب بين الآخرين.
الإجراءات
المدير العام لدائرة ذوي الاحتياجات الخاصة أشبه بالمقيم في الدار منذ ان تسللت إليها الكوليرا، يتابع سير العمل فيها واداء الموظفين وإجراءات الوقاية من الوباء.
أطلعنا على الوضع الصحي لنزلاء الدار وحقيقة ما تناقلته وسائل الإعلام عن تفشي وباء الكوليرا بينهم وعدد الاصابات والوفيات بالمرض.
موضحاً: في يوم 10/ 11 ظهرت بعض حالات الاسهال بين المستفيدين من دار الحنان لشديدي العوق وعددها 11 حالة ولم نعرف أسبابها اذ تزامنت مع انخفاض درجات حرارة الطقس في تلك الأيام، واحترازاً تم نقل جميع من في القاعة التي ظهرت فيها الاصابة الى مستشفى الكرخ العام.
وتبين ان طبيعة الفحوصات المختبرية للكشف عن مرض الكوليرا لا تتضح نتائجها الاولية الا بعد 48 ساعة اما النتائج التأكيدية فتحتاج الى 72 ساعة، وقبل ان تتضح لنا نتائج الحالات باشرنا باتخاذ الاجراءات الوقائية من تعفير قاعات النزلاء ومرفقات الدار كافة والتركيز على القاعة المصابة والحرص على عدم اختلاط من فيها بباقي نزلاء الدار لحين ظهور النتائج التأكيدية، والتأكيد على تناول كل من في الدار من نزلاء وموظفين وحراس وعمال الادوية الوقائية والمضادات الحيوية من المرض لكي نطوق الحالة سواء كانت حالة اسهال او كوليرا، بالاضافة الى تعقيم مياه الخزانات بالحبوب المعقمة واستخدام المطهرات والفلاتر وغيرها من الاجراءات الاحترازية، كما أننا وقبل ظهور حالات الاصابة نستخدم مياه الخزانات للاستحمام والغسل والمتطلبات الاخرى فقط أما مياه الشرب فنعتمد على برادات المياه المعقمة ذات العبوات الكبيرة، ونحن نتحوط باستمرار من الكوليرا وانفلونزا الطيور والتايفوئيد والتهاب الكبد الفايروسي وغيرها من الامراض الانتقالية، ولدينا تعميم لجميع وحداتنا باتخاذ هذه الاجراءات ومتابعتها.
ـ وقد اطلعت "الصباح" على بعض التعميمات وكتب المصادقة الصادرة من دائرة رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة بتاريخ 2007/10/11 الى جميع الدور الإيوائية والمعاهد العائدة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية التي تؤكد على استخدام الحبوب الخاصة بتعقيم خزانات المياه والاعتماد على قناني المياه المعبأة وبرادات الماء المعقم للشرب واستخدام الفلاتر والمعقمات لمياه الطبخ والاستحمام والاحتياجات الاخرى واتخاذ الاجراءات الاحترازية من وباء الكوليرا وغيره من الامراض الانتقالية. وهناك توجيه خاص لدار الحنان لشديدي العوق بكتاب رسمي بهذا الخصوص صادر عن الدائرة بتاريخ 2007/8/14 لكن على ما يبدو ان هذه التعميمات لم تنفذ على ارض الواقع.
بانتظار النتائج
وتابع المدير العام لدائرة ذوي الاحتياجات الخاصة حديثه بالقول: بعد ظهور النتائج النهائية لفحوصات حالات الاسهال والتأكد من اصابة 4 منها بالكوليرا ارسلناها فورا الى مستشفى الكاظمية التعليمي، وسارعنا الى تصعيد الاجراءات الوقائية والصحية واستطعنا احتواء المرض والحد من تفشيه بين المستفيدين من الدار خصوصا أن مناعتهم ضد الامراض ضعيفة.
أما بالنسبة للوفيات فلدينا حالتان فقط الاولى من بين المصابين الاربعة الراقدين في مستشفى الكاظمية توفي بعد 48 ساعة من نقله للمستشفى، والثانية صبي يرقد في الدار تناول الماء صباحا وتوفي مساءً من دون ان تظهر عليه أية اعراض مرضية تشير الى اصابته بالاسهال او غير ذلك.
حظينا بالاهتمام والتعاون المثمر من وزارة الصحة والمركز الصحي في الشالجية ودائرة الوقاية الصحية المركزية ومستشفى الكرخ العام ومستشفى الكاظمية التعليمي حيث كانوا على اتصال مستمر ومباشر معنا وزياراتهم متواصلة لفحص الموظفين والمستفيدين من الدار والمياه الموجودة فيها ومتابعة علميات التعقيم اليومية، بالاضافة الى متابعة وزارة حقوق الانسان التي مثلها مدير عام دائرة الرصد حيث كان يحضر يومياً الى الدار.
كما قامت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وبتوجيه من الوزير بتشكيل غرفة عمليات برئاسة وكيل الوزير وعدد من المدراء العامين لمتابعة الوضع وزيادة التعاون مع الجهات المعنية.
المربية حاضنة للكوليرا
اجرينا الفحوصات لجميع النزلاء والموظفين والعاملين في الدار وكانت النتائج سليمة باستثناء حالة واحدة وهي مربية تعمل في الدار منذ سنتين تبين انها حاضنة للفايروس فتم عزلها وارسالها للمستشفى لتلقي العلاج، وهذه الحالة التي تسمى علميا (carrier) تكون حاملة للفايروس من دون ان تتأثر به او تظهر عليها اعراضه، وقد تكون هي السبب لتفشي المرض في الدار.
نستطيع القول اننا نجحنا في تطويق الوباء والقضاء عليه بأقل الخسائر، فمن مجموع 172 شخصا 94 منهم مستفيدون من الدار و76 هم ملاكها حدثت لدينا 5 حالات اصابة بالكوليرا فقط وحالتا وفاة.
اما الحالة الصحية للاصابات الثلاث المتبقية فهي مطمئنة حيث تم القضاء على المرض نهائيا ومن المفترض ان يغادروا المستشفى قبل اسبوع من الان لكن يبدو ان لدى المستشفى فحوصات اضافية ومتابعة استثنائية نظرا للحالة الصحية الخاصة لنزلاء الدار.
ماء بجراثيم برازية
في يوم 2007/11/14 زارتنا لجنة مشتركة مؤلفة من المركز الصحي في الشالجية والمختبر المركزي واسالة ماء الكاظمية لأخذ عينات من ماء الاسالة الداخل الى الدار من المصدر الرئيس الخارجي مباشرة، وبعد فحصه ظهرت فيه جراثيم برازية بالاضافة الى تدني نسبة الكلور بشكل خطير اذ كانت اقل من (0,25) فيما النسبة الاعتيادية يجب ان لا تقل عن (1,5) اما النسبة المطلوبة والمطمئنة فتتراوح ما بين (3 - 5 )
ـ واطلعت "الصباح" على نسخة من تقرير أعدته اسالة ماء الكاظمية بالاشتراك مع المركز الصحي في الشالجية ومديرية المختبرات الصحية العامة المركزية بتاريخ 2007/11/14، يوضح التقرير انخفاض نسبة الكلور الى الصفر في الماء الداخل للدار ونسبة التلوث العالية واحتوائه على جراثيم برازية.
وبعد ان أكد الفحص المختبري افتقار ماء الاسالة للتعقيم وانخفاض نسبة الكلور بشكل كبير واحتوائه على جراثيم برازية ما جعله السبب الرئيس للاصابة بالكوليرا، طالبنا اسالة ماء الكاظمية ان تتوقف عن تغذية الدار بالماء عبر شبكاتها المصنوعة من مادة (الاسبست) التي جاوز عمرها الخمسين عاما ما جعلها عرضة للتصدعات والتكسرات التي ساهمت في تلوث مياه الشرب بالجراثيم واختلاطها بالمياه الجوفية والصرف الصحي، وتزويدنا بسيارات حوضية تتزود بالماء مباشرة من خزانات الاسالة حيث التعقيم مركز ونسبة الكلور طبقا للمواصفات المطلوبة.
قناة ناقلة للأوبئة
وعن مشكلة شبكة الاسالة والسيارات الحوضية أضاف مدير دائرة الرعاية قائلا:
ـ حالياً نحن نعتمد على السيارات الحوضية ويبدو أننا سنظل على هذا الوضع لإجل غير مسمى فحسب ما أراه ان اسالة ماء الكاظمية لا حول لها ولا قوة في معالجة شبكة الماء التي خرجت عن الخدمة وتحولت الى قناة ناقلة للأوبئة والامراض الانتقالية، وبالنظر لحالة المستفيدين من الدار ووضعهم الصحي الخاص والدقيق جداً وضعف المناعة لديهم وما يعانونه بسبب اصابتهم بشلل الدماغ التشنجي والشلل الرباعي لدى بعضهم وحالة فقدان للسيطرة على معظم حواسهم كل ذلك يجعلنا نتمسك بخيار السيارات الحوضية لانها اكثر امنا من الناحية الصحية لحين معالجة شبكات ماء الشرب.
لجنة تحقيقية
الدكتور كفاح كاظم طبيب استشاري في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وهو العضو الفني في اللجنة التحقيقية المكلفة من قبل الوزير بالتحقيق في هذا الموضوع وكشف ملابساته ومتابعة العمل والاجراءات الوقائية في دار الحنان لشديدي العوق، يطلعنا على النتائج الأولية للتحقيق الذي ما زال مستمرا.
يقول كاظم: بعد حدوث حالات الاسهال في الدار كلفنا من قبل الوزير بتشكيل غرفة عمليات للتحقيق في الموضوع والاسباب المؤدية للاصابة.
باشرنا العمل فورا وتوجهنا الى الدار واطلعنا على سلامة الاجراءات الوقائية المتخذة بعد حدوث الاصابات بالاضافة الى الاحترازات السابقة. لاحظنا مدى الاهتمام والحرص من قبل المعنيين في الدار والجهات المتعاونة معهم في وزارة الصحة.
ووفق المعطيات الاولية لم نلمس تقصيراً من جانب المسؤولين في الدار!! أما تشخيص الخلل والسبب المؤدي للاصابة بالكوليرا فلدينا الآن قناتان لنقل المرض الأولى تخص شبكة الماء الذي اتضح انه ملوث بشكل خطير جدا والقناة الثانية هي المربية الحاضنة للفايروس، وعلى ما يبدو أن السبب الرئيس لانتقال المرض هو شبكة الماء ، وفي جميع الاحوال لن نتهاون في معاقبة المقصرين واتخاذ الاجراءات القانونية!!.
وزارة الصحة أولى بالدار
وعن الوضع الصحي للنزلاء وضرورة وجود مستشفى أو عيادة استشارية خاصة بهم ضمن مرفقات الدار او تحويلهم الى وزارة الصحة أسوة بمستشفى ابن رشد ومستشفى الرشاد وغيرهما من المؤسسات الخاصة بالمرضى النفسيين يقول كاظم:
ـ الدار مخصصة لشديدي العوق وهؤلاء حالتهم خاصة جداً والتعامل معها متعب جداً وهم بحاجة الى ملاك متخصص بحالتهم النفسية والجسدية، وانا استغرب ان تكون الدار تابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية وليس لوزارة الصحة كما هي حال مستشفى الرشاد(الشماعية) المختصة بالأمراض النفسية، فالحالة متشابهة من ناحية التخلف العقلي الشديد الذي يعاني منه نزلاء دار الحنان ونزلاء مستشفى الرشاد، ولذا من المفيد والمنطقي ان تكون الدار تابعة لوزارة الصحة، اما اذا بقيت تابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية فاقترح ان تخصص عيادة طبية تضم اطباء نفسيين متواجدين على مدار 24 ساعة لمتابعة حالة النزلاء بالاضافة الى اطباء باطنية وغيرها من الاختصاصات.
من حسن حظ المستفيدين من الدار أنها مجاورة لمستشفى الكرخ العام التي تبدي تعاونا كبيرا معنا فهناك اطباء زائرون للدار وطبيبة اطفال بالاضافة الى جدول لمعاونين طبيين منسبين من المستشفى لغرض فحص النزلاء ومتابعة حالتهم الصحية واتخاذ اللازم في الحالات الطارئة، كما خصصت مستشفى ابن رشد طبيبا نفسيا لزيارة الدار بواقع يوم في الاسبوع، ولدى الدار صيدلية تحتوي على المستلزمات والعلاجات الاســاسية.
إلا أن هذا لا يفي بالغرض ولا يتناسب مع الحاجة الطبية التي يجب ان تتوفر للدار، لذا لابد من معالجة هذا الخلل وضم دار الحنان الى وزارة الصحة المتخصصة بهذا الشأن، فهــــذا أصح إداريا وأفضل صحيا للحفاظ على سلامة النزلاء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...